loader image
المشكلات النفسية

ديسمبر 22, 2022

إن مرحلة الطفولة تعد من أكثر مراحل النمو تعقيداً و أكثر المراحل المؤثرة على حياة الفرد كما أن الدراسات أكدت أن جزء كبير من البنية النفسية للإنسان تتكون منذ المرحلة الجنينية حتى نهاية مرحلة الطفولة، ففي هذه السنوات تتكون الركائز الأساية في شخصيته ويمر الطفل بأغلب عمليات التعلم و النمو على كافة جوانبه

(الجسدية، النفسية، العقلية، اللغوية ….) و عند تقديم الرعاية المناسبة تزيد فرصة نجاح الأفراد في حياتهم المستقبلية و المروربباقي مراحل النمو بشكل طبيعي و سليم.

و بهذه المرحلة بالذات يحتاج الطفل إلى إشباع للعديد من الجوانب والرغبات النفسية كالـ ( الحب، الانتماء، التقبل، الإهتمام، الأمان و تفهّم متطلباته…) من أجل ترسيخ انتمائه الأسري واستقرار حياته الاجتماعية القادمة.

فعندما يحصل قصور معين في هذه المرحلة و خصوصاً على الصعيد النفسي و العاطفي تزيد فرصة حدوث المشكلات السلوكية، الأمراض النفسية، اضطرابات في الشخصية و الفجوات الإجتماعية

و من هنا نستنتج أن أغلب المشكلات السلوكية و النفسية جذورها تمتد لمرحلة الطفولة، حيث أن هذه المرحلة أضحت بمثابة مقبرة لكل الأفكار و التساؤلات و المشاعر المكبوتة و التي تتفجر على شكل سلوكيات غير سويّة أو اضطرابات نفسية في مرحلة المراهقة و الشباب دون أن نلقي لها بالاً ، و مع الأسف الشديد إن أغلب هذه المشكلات النفسية يعود سببها الأساسي لأساليب التربية و التنشأة الغير سوية من قِـبل الأهل كالـ (الإهمال، العنف، المقارنة، الحماية الزائدة، القسوة، التدليل المفرط…)

و عندما تبدأ هذه المشكلات النفسية بالظهور، نرى أن الأهل أنفسهم من ينكرون هذه التصرفات الغير سوية التي تصدر من أولادهم، متناسين تماماً و غير مدركين أنهم من كانوا السبب الأكبر في هذه المشاكل.

جاهلين أن كل سلوك يصدر من الإنسان هو سلوك يسعى به إلى إشباع حاجة معينة، وأن لكل سلوك دافعًا، والدوافع والحاجات النفسية هي التي تولد السلوك في حياة الإنسان فمن الطبيعي عند حصول قصور معين في مرحلة الطفولة سيتم تعويضه بأي طريقة أخرى، سواء إن كانت صحيحة أو غير صحيحة خصوصاً في مرحلة المراهقة.

و أن هذه الاحتياجات المكبوتة المترافقة مع مواقف عنيفة أو خالية من الحب تولد فجوات عميقة داخل هذا الطفل فيكبر و هو يحمل العديد من التشوهات النفسية و الاحتياجات العاطفية الغير ملباة و يبدأ الصراع في مرحلة المراهقة لتحقيقها و الحصول عليها.

وعلى أرض الواقع أغلبنا يرى هذه السلوكيات الشاذة و يلعنها !

يرمي الأحكام المغلوظة و ينعت بالصفات السلبية ، ومع الأسف ترانا لا نتقن إلا فنَّ اللوم و التأنيب،

لكن هل فكرنا في عمق المشكلة؟

و بحثنا في جذورها و أسبابها؟

هل فكرنا بمد يد العون والمساعدة لهم ؟

أو حاولنا احتواء هذه الاضطرابات و تهدأتها ؟

أم أننا نركّز فقط على قشور السلوك و المظاهر الشاذة التي نراها و نلعنها في كل حين دون التدخل و احتواء هذه المشاكل أو العمل على تفاديها .!

تذكروا دوماً أن هؤلاء الأشخاص ضحايا.

ضحايا لجرائم عاشوها و لم يشهدها أحدٌ قط !